أما الأول: فإنه أنكر على أهل الوشم إنكارهم على من قال: ليس بجوهر، ولا جسم، ولا عرض ; وهذا الإنكار جمع فيه بين اثنتين، إحداهما: أنه لم يفهم كلام ابن عيدان وصاحبه الثانية: أنه لم يفهم صورة المسألة، وذلك أن مذهب الإمام أحمد وغيره من السلف، أنهم لا يتكلمون في هذا النوع، إلا بما تكلم الله به ورسوله، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته رسوله، أثبتوه، مثل: الفوقية، والاستواء، والكلام، والمجيء، وغير ذلك، وما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله، نفوه، مثل: المثل، والند، والسمي، وغير ذلك.
وأما ما لا يوجد عن الله ورسوله إثباته ولا نفيه، مثل: الجوهر، والجسم، والعرض، والجهة، وغير ذلك، لا يثبتونه؛ فمن نفاه، مثل صاحب الخطبة التي أنكرها ابن عيدان وصاحبه، فهو عند أحمد والسلف مبتدع؛ ومن أثبته مثل هشام بن الحكم وغيره، فهو عندهم مبتدع ; والواجب عندهم: السكوت عن هذا النوع، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ هذا معنى كلام الإمام أحمد الذي في رسالة المويس، أنه قال: لا أرى الكلام إلا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن العجب استدلاله بكلام الإمام أحمد على ضده؛ ومثله في ذلك كمثل حنفي، يقول: الماء الكثير، ولو بلغ قلتين، ينجس بمجرد الملاقاة من غير تغير، فإذا سئل عن الدليل، قال قوله صلى الله عليه وسلم " الماء طهور لا ينجسه شيء "1، فيستدل