غير علم، واعتقاد، وعمل، فقد تقدم في كلام العلماء أن هذا جهل صرف، فهي حجة عليه بلا ريب؛ فقوله في الحديث: "وحده لا شريك له" تأكيد، وبيان لمضمون معناها، وقد أوضح عن ذلك وبينه في قصص الأنبياء والمرسلين في كتابه المبين.
فما أجهل عباد القبور بحالهم! وما أعظم ما وقعوا فيه من الشرك، المنافي لكلمة الإخلاص: لا إله إلا الله! فإن مشركي العرب ونحوهم، جحدوا لا إله إلا الله لفظا ومعنى، وهؤلاء المشركون أقروا بها لفظا، وجحدوها معنى: فتجد أحدهم يقولها، وهو يأله غير الله بأنواع العبادة، كالحب، والتعظيم، والخوف، والرجاء، والتوكل، والدعاء، وغير ذلك، من أنواع العبادة.
بل زاد شركهم على شرك العرب، بمراتب فإن أحدهم إذا وقع في شدة، أخلص الدعاء لغير الله تعالى، ويعتقدون أنه أسرع فرجا لهم من الله؛ بخلاف حال المشركين الأولين، فإنهم يشركون في الرخاء، وأما في الشدائد، فإنهم يخلصون لله وحده، كما قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} الآية [سورة العنكبوت آية: 65] .
فبهذا تبين أن مشركي هذه الأزمان أجهل بالله وبتوحيده من مشركي العرب ومن قبلهم. انتهى من فتح المجيد، فهذا بعض ما ذكره بعض العلماء، في معنى لا