الجنة، فإذا كثرت الذنوب، ثقل على اللسان قولها، وقسا القلب عن قولها، وكره العمل الصالح، وثقل عليه سماع القرآن، واستبشر بذكر غيره، واطمأن إلى الباطل، واستحلى الرفث. ومخالطة أهل الباطل، وكره مخالطة أهل الحق.

فمثل هذا إذا قالها قال بلسانه ما ليس في قلبه، وبفيه ما لا يصدقه عمله، قال الحسن: ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال، فمن قال خيرا قبل منه، ومن قال خيرا وعمل شرا لم يقبل منه. وقال أبو بكر بن عبد الله المزني: ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام، ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في قلبه.

فمن قال لا إله إلا الله، ولم يقم بموجبها، بل اكتسب مع ذلك ذنوبا، وكان صادقا في قولها، موقنا بها، لكن له ذنوب أضعفت صدقه ويقينه، وانضاف إلى ذلك الشرك الأصغر العملي، فرجحت هذه السيئات على هذه الحسنة، ومات مصرا على الذنوب؛ بخلاف من يقولها بيقين، وصدق ثابت، فإنه لا يموت مصرا على الذنوب; إما ألا يكون مصرا على سيئة أصلا، أو يكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته.

والذي يدخل النار ممن يقولها، إما أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التام المنافيين للسيئات، أو لرجحانها، أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم، ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم، ثم لم يقولوها بعد ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015