وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: " لما نزل برسول الله، طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا " 1 متفق عليه.
وروى الإمام أحمد في مسنده، بإسناد جيد، عن عبد الله بن مسعود، (أن النبي قال: "إن من شرار الناس، من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد " 2 وعن ابن عباس، رضي الله عنهما; قال: " لعن رسول الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد، والسرج" 3 رواه الإمام أحمد، وأهل السنن.
وهذا حال من سجد لله عند قبر، فكيف بمن سجد للقبر نفسه؟ أو دعاه، وعدل عن أوضاع الشرع، إلى تعظيم أوضاع الجهال والطغام، وضعوها لأنفسهم بتلبيس إبليس عليهم، فسهلت لهم، وطابت بها قلوبهم، من تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع، من عبادتها بدعائها، ورجائها، والالتجاء إليها، والتوكل عليها، والنذر لها، وكتب الرقاع فيها، وخطاب الموتى بالحوائج: يا سيدي، يا مولاي افعل بي كذا وكذا; وأخذ ترابها، وجعل الخرق عليها تبركا، وإيقاد السرج عليها، وتقبيلها، وتحليتها، وشد الرحال إليها؛ وينضاف إلى ذلك إلقاء الخرق على الشجر،