ويتقربون بذلك إلى الله، ويستدلون عليه بالأدلة الباطلة، و {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [سورة الشورى آية: 16] .
وأما الشفاعة: التي أثبتها القرآن، فقيدها سبحانه بإذنه للشافع، ورضاه عن المشفوع له; فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأذن للشفعاء أن يشفعوا إلا لمن رضي قوله وعمله; وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد.
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أسعد الناس بشفاعته أهل التوحيد والإخلاص، فمن طلبها منه اليوم، حرمها يوم القيامة؛ والله سبحانه قد أخبر أن المشركين لا تنفعهم شفاعة الشافعين; وإنما تنفع من جرد توحيده، بحيث أن يكون الله وحده هو إلهه، ومعبوده؛ وهو سبحانه: لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا، كما قال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمر آية: 3] .
فإذا تأملت الآيات، تبين لك أن الشفاعة المنفية هي التي يظنها المشركون، ويطلبونها اليوم من غير الله. وأما الشفاعة المثبتة فهي التي لأهل التوحيد والإخلاص. كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن شفاعته نائلة من مات من أمته، لا يشرك بالله شيئا; والله أعلم.