وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العلوم المفضولة إذا أضعفت العلم، حرمت، فكيف بالعلوم المحظورة، ثم بترقب شهادات لمقدار الأجر؟! وفي الحديث: "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" 1 يعني: ريحها.
وذكر لنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد عن العاصمي، فقال ما معناه: إن أول مدرسة نظامية بنيت ببغداد، وطلب لها العلماء، وأجري لهم ولطلاب العلم مرتبات، والتحق بها كثير؛ ولما علم علماء بخارى بكوا بكاء شديدا، متأسفين على العلوم الإسلامية. فقيل لهم: ما هذا البكاء؟ وما هذا الجزع؟ ما هي إلا مدرسة دينية للعلم، كالتفسير، والحديث، والفقه، وغيرها; فقال العلماء: إن العلم شريف في نفسه سام، لا يحمله إلا النفوس السامية الزكية الشريفة، ويشرفون بشرف العلم. أما إذا أجريت المرتبات لطلابه، أقبل إليه من لا خير فيه، من السقطة والأراذل الذين يريدون بتعلمهم العلم لنيل المناصب، والوظائف، وأخذ المرتبات، فيزول العلم ويسقط بسقوط وإزالة حملته، فيصبح العلم الشريف لا قيمة له.