أوجد الخلق، أجرى عليهم أرزاقهم؛ وأما المدبر، فهو: الذي تنزل الملائكة من السماء إلى الأرض بتدبيره، وتصعد إلى السماء بتدبيره، ويسير السحاب، بتدبيره، وتصرف الرياح، بتدبيره؛ وكذلك جميع خلقه، هو: الذي يدبرهم، على ما يريد. فهذه الأسماء، التي يقر بها الكفار، متعلقة بتوحيد الربوبية، التي يقر بها الكفار.

وأما توحيد الألوهية، فهو قولك: لا إله إلا الله، وتعرف معناها كما عرفت معنى الأسماء المتعلقة بالربوبية، فقولك: لا إله إلا الله، نفي وإثبات; فتنفي الألوهية كلها، وتثبتها لله وحده; فمعنى الإله في زماننا: الشيخ، والسيد، الذي يقال فيهما أو غيرهما: سر ممن يعتقد فيهم أنهم يجلبون منفعة أو يدفعون مضرة; فمن اعتقد في هؤلاء، أو غيرهم، نبيا كان أو غيره، فقد اتخذه إلها من دون الله.

فإن بني إسرائيل لما اعتقدوا في عيسى ابن مريم وأمه سماهما الله إلهين; قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سورة المائدة آية: 116] . ففي هذا دليل على أن من اعتقد في مخلوق لجلب منفعة، أو دفع مضرة، فقد اتخذه إلها; فإذا كان الاعتقاد في الأنبياء هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015