ولكن الناس فيها ثلاث فرق: فرقة نطقوا بها وحققوها، وعلموا أن لها معنى وعملوا به، ولها نواقض فاجتنبوها. وفرقة: نطقوا بها في الظاهر، فزينوا ظواهرهم بالقول، واستبطنوا الكفر والشك. وفرقة: نطقوا بها ولم يعملوا بمعناها، وعملوا بنواقضها، فهؤلاء {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [سورة الكهف آية: 104] .

فالفرقة الأولى هي الناجية، وهم المؤمنون حقا; والثانية هم المنافقون; والثالثة هم المشركون; فلا إله إلا الله: حصن، ولكن نصبوا عليه منجنيق التكذيب، ورموه بحجارة التخريب، فدخل عليهم العدو، فسلبهم المعنى، وتركهم مع الصورة; وفي الحديث: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "1 سلبوا معنى لا إله إلا الله، فبقي معهم لقلقة باللسان، وقعقعة بالحروف، وهو ذكر الحصن لا مع الحصن، فكما أن ذكر النار لا يحرق، وذكر الماء لا يغرق، وذكر الخبز لا يشبع، وذكر السيف لا يقطع، فكذلك ذكر الحصن لا يمنع.

فإن القول قشر، والمعنى لب، والقول صدف، والمعنى در، ماذا يصنع بالقشر مع فقدان اللب؟! وماذا يصنع بالصدف مع فقدان الجوهر؟!

لا إله إلا الله مع معناها، بمنزلة الروح من الجسد، لا ينتفع بالجسد دون الروح، فكذلك لا ينتفع بهذه الكلمة دون معناها. فعالم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015