المشركين بأن هؤلاء الطواغيت ما أمروا الناس بهذا، ولا رضوا به، فهذا لا يقوله إلا مشرك مكابر؛ فإن هؤلاء ما أكلوا أموال الناس بالباطل، ولا ترأسوا عليهم، ولا قربوا من قربوا، إلا بهذا; وإذا رأوا رجلا صالحا استحقروه، وإذا رأوا مشركا كافرا تابعا الشيطان، قربوه وأحبوه وزوجوه بناتهم، وعدوا ذلك شرفا!!
وهذا القائل يعلم أن قوله ذلك كذب، فإنه لو يحضر عندهم، ويسمع بعض المشركين يقول: جاءتني شدة، فنخيت الشيخ، أو السيد، فنذرت له، فخلصني، لم يجسر أن يقول هذا القائل: لا يضر ولا ينفع إلا الله; بل لو قال هذا، وأشاعه في الناس، لأبغضه الطواغيت; بل لو قدروا على قتله لقتلوه; وبالجملة: لا يقول هذا إلا مشرك مكابر، وإلا فدعواهم هذه، وتخويفهم الناس، وذكرهم السوالف الكفرية التي بآبائهم شيء مشهور لا ينكره من عرف حالهم، كما قال تعالى: {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [سورة التوبة آية: 17] .
ولنختم الكتاب، بذكر آية من كتاب الله، فيها عبرة لمن اعتبر، قال تعالى في حق الكفار: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: 67] ، فذكر عن الكفار أنهم إذا جاءتهم الشدة تركوا غيره، وأخلصوا له الدين; وأهل زماننا إذا جاءتهم الشدة والضر، نخوا غير الله، سبحانه وتعالى عن ذلك.