نوح لما صوروا الأصنام على صور صالحيهم، قال من بعدهم: ما عظم أولنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم، فعبدوهم; أي: بطلب الشفاعة منهم، واستمداد البركة بهم؛ وهذا هو شرك العالم، وهم في آخر هذه الأمة أشد وأعظم، فاستمسك بأدلة القرآن، وسبيل أهل الإيمان.
وقد عرفت أن عبادة الأشجار والقبور والأحجار، بدعائهم لها باستمداد البركة منها في زعمهم، أنه أبطل الباطل، وأمحل المحال، كما دل عليه الكتاب والسنة؛ وهذا الجواب يكفيك عما تقدم، من السؤالات، فكل ما كان يفعل عند القبور من التعظيم لها ولأربابها، وقصدها، والتبرك بها، والدعاء عندها، أو لها، كل هذا شرك وضلال.
فتأمل قوله عن خليله عليه السلام: {يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة الأنعام آية: 78-79] ، والحنيف هو: المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه.
فهذه الأدلة التي ذكرنا، تبطل كل ما تعلق به المشركون، مما كانوا يفعلونه مع العزى ومناة؛ ومن ادعى جواز شيء من ذلك، أو أنه يحتمل الجواز، فيطالب بالدليل من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن هذا