عبادتها، قد دلت عليه لا إله إلا الله دلالة تضمن، كما في هذه الآية.
وقال في السورة بعدها عن المشركين، لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص آية: 5] . فهذا الذي عجب منه المشركون، هو دين الله الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه: أن العبادة والتأله حق الله على عباده، كما قال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة النحل آية: 51] ؛ فقصر الرهبة عليه بتقديم المعمول لأنها نوع من أنواع العبادة; قال شيخ الإسلام: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة، انتهى.
فالعبادة بجميع أنواعها مقصورة على الله دون كل ما سواه، كما في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة آية: 5] ، وفي قوله: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [سورة الزمر آية: 66] . والقرآن كله من أوله إلى آخره، في تقرير معنى لا إله إلا الله؛ فهي كلمة الإخلاص، وكلمة التقوى والعروة الوثقى.
ولا يتمسك بها إلا من كفر بالطاغوت وآمن بالله كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة آية: 256] . قال الإمام مالك رحمه الله، وغيره: