نجا من شرك هذا الشرك الأكبر، إلا من جرد التوحيد لله، وعادى المشركين في الله، وتقرب بمقتهم إلى الله ... إلى آخره، يتبين لك: خطأ ذلك المفتون وضلاله، خصوصا إذا عرفت أن هذا الشرك الأكبر، قد وقع في زمانهما، وكفّرا أهله بالكتاب والسنة والإجماع، وبينا أنه لم ينج منه إلا القليل، الذين هذا وصفهم، وهم الغرباء في الأمة، الذين أخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ".

ولا ريب أن الله تعالى لم يعذر أهل الجاهلية، الذين لا كتاب لهم، بهذا الشرك الأكبر، كما في حديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب " 1. فكيف يعذر أمة كتاب الله بين أيديهم، يقرؤونه، ويسمعونه، وهو حجة الله على عباده، كما قال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة إبراهيم آية: 52] ، وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بين فيها افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، ثم يجيء من يموه على الناس، ويفتنهم عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015