وهدانا إليه من بين سائر الخلائق.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مخلص لله صادق. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي أكمل الله به الدين، وجعل شريعته أكمل الطرائق. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، نجوم الهداية للسابق واللاحق، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن الله - وله الحمد والمنة - بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فأكمل به الدين وأتم به النعمة، فدخل الناس في دين الله أفواجا، وأشرقت الأرض بنور النبوة، واهتزت طربا وابتهاجا، حتى تركهم صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها. ودرج على هذا المنهج القويم خلفاؤه الراشدون، وصحبه المهديون، والأفاضل بعدهم المرضيون.
ثم إنه خلفت بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، وهذا مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم. ولكن الله سبحانه من فضله ضمن لهذه الأمة بقاء دينها وحفظه عليها، وهذا إنما يحصل بإقامة من يقيمه الله تبارك وتعالى من أفاضل خليقته، وخواص بريته، وهم حملة الشريعة المطهرة، وأنصار الملة المؤيدة، الذابون عن دينه، المصادمون لأهل البدع والأهواء، المجاهدون من رام انحلال عرى كلمة التقوى، الذين هم في الأمة المحمدية كالأنبياء في الأمم