وإذا كان هذا لا يصح لنبي ولا لمرسل، فلأن لا يصح لأحد من الناس بطريق الأولى والأحرى؛ ولهذا قال الحسن البصري: لا ينبغي هذا للمؤمن أن يأمر الناس بعبادته؛ وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضا، يعني أهل الكتاب.

وقوله: {وَلا يَأْمُرَكُمْ} بعبادة أحد غير الله، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل {أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران آية: 80] أي: لا يفعل ذلك; لأن من دعا إلى عبادة غير الله، فقد دعا إلى الكفر; والأنبياء: إنما يأمرونكم بالإيمان، وعبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء آية: 25] ، وقال: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 45] وقال في حق الملائكة: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [سورة الأنبياء آية: 29] انتهى.

وهو في غاية الوضوح، وبيان التوحيد، وخصائص الربوبية، والإلهية؛ ونظائر هذه الآيات كثيرة في القرآن، وفي السنة من الأحاديث كذلك. فإذا كان من المستحيل عقلا وشرعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجميع الأنبياء والمرسلين، أن يأمروا أحدا بعبادتهم، فكيف جاز في عقول هؤلاء الجهلة، أن يقبلوا قول صاحب البردة؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015