الثالثة قالوا: هو ثالث ثلاثة; وبهذه الطرق الثلاث عبدوا المسيح عليه السلام، فأنكر الله عليهم تلك الأقوال في المسيح.
وأنكر عليهم ما فعلوه من الشرك، كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة التوبة آية: 31] ؛ فأنكر عليهم عبادتهم للمسيح، والأحبار والرهبان.
أما المسيح فعبادتهم له بالتأله، وصرف خصائص الإلهية له من دون الله، كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [سورة المائدة آية: 116] فأخبر أن الإلهية - وهي العبادة - حق الله لا يشركه فيها أولو العزم ولا غيرهم؛ يبين ذلك قوله: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [سورة المائدة آية: 117] .
وأما عبادتهم للأحبار والرهبان، فإنهم أطاعوهم فيما حللوه لهم من الحرام، وتحريم ما حرموه عليهم من الحلال. ولما قدم عدي بن حاتم رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم - بعد فراره - من الشام، وكان قبل مقدمه على النبي صلى الله عليه وسلم نصرانيا، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلما، تلا عليه هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ