تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.

فهؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل؛ وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكرت له أم سلمة كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: " أولئك إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور. أولئك شرار الخلق عند الله " 1.

وهذا كان سبب عبادة اللات، فروى ابن جرير بإسناده، عن منصور عن مجاهد {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [سورة النجم آية: 19] قال: كان يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره. وكذلك قال أبو الجوزاء، عن "ابن عباس: كان يلت السويق للحاج، فقد رأيت أن سبب عبادة يغوث، ويعوق ونسر، واللات، إنما كان سببه تعظيم قبورهم؛ ثم اتخذوا لها تماثيل، ثم عبدوها"

قال أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه، ونور ضريحه: وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور؛ وهي التي أوقعت كثيرا من الأمم، إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك; فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه، أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر.

ولهذا نجد أهل الشرك كثيرا يتضرعون عندها ويخشعون، ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015