لأن الداعي إنما يدعو الله، عند انقطاع أمله مما سواه، وذلك حقيقة التوحيد والإخلاص، انتهى.
والدعاء في القرآن يتناول معنيين:
أحدهما: دعاء العبادة، وهو: دعاء الله لامتثال أمره، في قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
الثاني: دعاء المسألة; وهو دعاؤه سبحانه في جلب المنفعة، ودفع المضرة.
وبقطع النظر عن الامتثال، فقد فسر قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر آية: 60] بالوجهين:
أحدهما: ما هو عام في الدعاء وغيره، وهو العبادة، وامتثال الأمر له سبحانه؛ فيكون معنى قوله: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أثبكم، كما قال في الآية الأخرى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سورة الشورى آية: 26] أي يثيبهم على أحد التفسيرين.
الثاني: ما هو خاص، معناه: سلوني أعطكم، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ينْزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه سؤاله؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " 1 فذكر أولا لفظ الدعاء، ثم السؤال، ثم الاستغفار، والمستغفر سائل، كما أن المسائل داع؛ فعطف السؤال والاستغفار على الدعاء؛ فهو من باب عطف الخاص على العام.