العالمين.

ولهذا قالوا لآلهتهم في النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 1، مع إقرارهم بأن الله وحده هو خالق كل شيء، وربه ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تميت ولا تحيي؛ وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة، كما هو حال مشركي العالم، بل كلهم يحبون معبوداتهم، ويعظمونها ويوالونها من دون الله. وكثير منهم بل أكثرهم، يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده، ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم من المشايخ، أعظم مما يغضبون إذا استنقص أحد رب العالمين، وإذا انتهكت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوديهم، غضبوا غضب الليث إذا حَرِدَ; وإذا انتهكت حرمات الله، لم يغضبوا لها، بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا، أعرضوا عنه ولم تستنكر له قلوبهم.

وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة، وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله، على لسانه دَيْدَنًا له، إن قام وإن قعد، وإن عثر وإن استوحش; فذكر إلهه ومعبوده من دون الله، هو الغالب على قلبه ولسانه، وهو لا ينكر ذلك، ويزعم: أنه باب حاجته إلى الله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015