بشراب، أو نفقة أو تدله على مسروق، وربما تطير به في الهواء، ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله; قال: ومثله واقع كثيرا، أعرف منه وقائع كثيرة، انتهى.

وإنما تفعل الجن ذلك بأوليائهم من الإنس، لطاعتهم إياهم فيما يهوونه، ويأمرونهم به من الشرك، وفعل الفواحش، وغير ذلك; وكل ذلك من الاستمتاع الذي ذكره الله في كتابه، في قوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} 1، قال بعض المفسرين على هذه الآية: فاستمتاع الإنسي بالجني، في قضاء حوائجه، وامتثال أوامره، وإخباره بشيء من المغيبات، واستمتاع الجني بالإنسي: تعظيمه إياه، واستعاذته به، وخضوعه له، انتهى.

ولهذا أمر الله عباده بالاستعاذة به، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} 2، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} 3، وقال: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} 4. وفي صحيح مسلم عن خولة بنت حكيم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من نزل منْزلا، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منْزله ذلك " 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015