طائفة من أهل العبادة، ينتسبون إلى بعض الصالحين، ويغلون فيه، فذكر حديث الخوارج، ثم قال: فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ممن ينتسب إلى الإسلام، من مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم: أن المنتسب إلى الإسلام قد يمرق من الدين وذلك بأمور منها: الغلو الذي ذمه الله، مثل الغلو في عدي بن مسافر أو غيره، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه، فكل من غلا في نبي، أو صحابي، أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا في حسبك، ونحو هذا، فهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
فإن الله سبحانه إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعبد وحده ولا يُدعى معه إله آخر؛ والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل الشمس والقمر، والصالحين، والتماثيل المصورة على صورهم، لم يكونوا يعتقدون أنها تنْزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ فبعث الله الرسل، وأنزل الكتب تنهى أن يُدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة; وأطال الكلام رحمه الله. فتأمل كلامه في أهل عصره من أهل النظر، الذين يدّعون العلم، ومن أهل العبادة الذين يدّعون الصلاح.