السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم " 1.
فأنكر صلى الله عليه وسلم مجرد مشابهتهم للكفار، في اتخاذ شجرة يعكفون عليها، معلقين عليها أسلحتهم. فكيف بما هو أطم من ذلك من الشرك بعينه؟ إلى أن قال: فمن ذلك عدة أمكنة بدمشق، مثل مسجد يقال له: "مسجد الكف"، فيه تمثال كف علي بن أبي طالب، حتى هدم الله ذلك الوثن; وهذه الأمكنة كثيرة، موجودة في أكثر البلاد، وفي الحجاز منها مواضع.
[تكفير المعين]
ثم ذكر كلاما طويلا في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور، فقال: العلة لما يفضي إليه ذلك من الشرك، ذكر ذلك الشافعي وغيره، وكذلك الأئمة من أصحاب مالك وأحمد، كأبي بكر الأثرم، عللوا بهذه العلة، وقد قال تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [سورة نوح آية: 23] الآية ذكر ابن عباس وغيره من السلف: أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم; ذكر هذا البخاري في صحيحه، وأهل التفسير، كابن جرير وغيره.
ومما يبين صحة هذه العلة: أنه لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا يكون ترابها نجسا، وقال عن نفسه: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " 2.