قيل له: من فعل أمراً محرماً، غير عالم بتحريمه، لا نؤثمه بذلك فضلاً عن تكفيره; ومن فعله عالماً بتحريمه متعمداً فعله، فهو عاص لله بارتكابه المحرم على عمد. فمن أباح السفر إلى بلاد المشركين، وهو يعلم أن ذلك حرام عليه، لكنه أصر وعاند، وكابر وعتا وتمرد، وشرد على الله شراد البعير على أهله، زاعماً أن الحق فيما خالف الكتاب والسنة، مما هو ينتحله من الأقوال والآراء المخالفة للكتاب والسنة، فكلام أهل العلم في ذلك واضح، لا خفاء به.

وأما من قامت له شبهة، أو تأول، وزعم أن هذا السفر ليس بحرام، ولكن مباح، لأنه يظهر دينه، وأن البلد التي يسافر إليها ليست عنده ببلد كفر، إلى غير ذلك من الشبه والتأويل، فهذا لا يكفر بإباحة ما حرمه الله ورسوله، لقيام الشبهة معه، والتأويل المانع من تكفيره، ولكنه آثم عاص بفعله ذلك من غير اجتهاد في طلب الحق والدليل، إذ حسن الظن بمن يقلده ويسهل له في ذلك.

هذا كله فيمن يقلد، وفي العامي الذي لا اطلاع له، ولا علم يميز به بين الحق والباطل، وأما من أباح شيئاً من المحرمات من العلماء، فاعلم: أنه لا يتجاسر على إباحة المحرمات عالم يخشى الله، وإنما يخشى الله من عباده العلماء؛ وإنما يقع ذلك من بعض العلماء، لأسباب ذكرها شيخ الإسلام في رفع الملام عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015