الموضع. والمسألة التي أشرنا إليها، هي قول السائل: ما الرخصة المذمومة، المذموم المترخص بها، التي قيل فيها: من تتبع الرخص تزندق، أو كاد؟ فإن أكثر من لدينا إذا سمع ما لم يدر به، ولا هو على باله عد ذلك رخصاً؟ فنقول: قال شمس الدين بن القيم، رحمه الله: الرخصة نوعان:
أحدهما: الرخصة المستقرة المعلومة من الشرع نصاً، كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورة، وإن قيل لها عزيمة باعتبار الأمر والوجوب، فهي رخصة باعتبار الإذن والتوسعة، وكفطر المريض والمسافر، وقصر الصلاة في السفر، وصلاة المريض إذا شق عليه القيام قاعداً، وفطر الحامل والمرضع خوفاً على ولديهما، ونكاح الأمة خوفاً من العنت، ونحو ذلك. فليس في تعاطي هذه الرخص ما يوهن رغبته، ولا يرده إلى غثاثة، ولا ينقص طلبه وإرادته البتة؛ فإن منها: ما هو واجب، كأكل الميتة عند الضرورة. ومنها: ما هو راجح المصلحة، كفطر الصائم المريض، وقصر المسافر وفطره. ومنها: ما مصلحته للمترخص وغيره؛ ففيه مصلحتان: قاصرة ومتعدية، كفطر الحامل والمرضع. ففعل هذه الرخص أرجح، وأفضل من تركها.
النوع الثاني: رخص التأويلات، واختلاف المذاهب، فهذه تتبعها حرام ينقص الرغبة، ويوهن الطلب، ويرجع