وصار إلى البصرة، ثم نزل بمكة ومات بالطائف. وكذلك سلمان الفارسي رضي الله عنه، كان أميراً على المدائن، في ولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد خرج من المدينة دار المهاجرين; وكذلك أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، وغيرهم من الصحابة، ممن لا يحصى عددهم، ولا نعلم أن أحداً من العلماء عاب ذلك، أو أنكره.

ومن عاب ذلك أو أنكره، فقد عاب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، خصوصاً أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي! تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " 1. وعلي رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين المهديين، الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمسك بسنتهم وهديهم. فمن أنكر ما ذكرناه وعابه، فقد أخطأ وأضاع نصيبه من العلم، وتكلف ما لا علم له به.

وأما قول السائل: وهل يستوي من ارتحل من منزله الأول بسبب، أو من ارتحل بغير سبب؟

فنقول: قد ذكرنا آنفاً، من انتقل من الصحابة من المدينة، بأسباب اقتضت ذلك، مذكورة في مظانها; ومنهم من انتقل منها، ولم نطلع على السبب الذي أوجب له ذلك; ولا شك أن من انتقل منها بسبب، كان أعذر ممن لم ينتقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015