أوجب الله عليهم، من معاداة المشركين، ومباداتهم بالعداوة والبغضاء، والتصريح لهم بالبراءة منهم ومما يعبدون، بسفر أبي بكر رضي الله عنه، من دسائس الشيطان؛ فإن من المعلوم عند الخاص والعام، ولا ينكره إلا مكابر مبخوس الحظ، أن الصحابة يظهرون دينهم، وقد بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا تأخذهم في الله لومة لائم، وإنكارهم، رضي الله عنهم وأرضاهم، باللسان، على من أحدث حدثاً أو فعل منكراً معروف مشهور.

ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه رأى منكراً وسكت عن إنكاره بلسانه، بل كانوا يكافحون الظلمة بالإنكار، ولا يخافون في الله لومة لائم. ومن ظن أن الصحابة، رضي الله عنهم، لا يظهرون دينهم، ولا ينكرون المنكر، فقد ظن بهم ظن السوء، ولم يعرف قدرهم وفضلهم ومحلهم من الإسلام، وغيرتهم لله وعلى دينه، ولم يقدرهم حق قدرهم؛ فهم القدوة وبهم الأسوة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من كان منكم مستناً، فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمَن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإظهار دينه؛ فخذوا بسننهم، واهتدوا بهديهم، واعرفوا لهم فضلهم، فإنهم كانوا على الصراط المستقيم". وإذا كانوا على ما ترى من العلم والفضل والمعرفة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015