وما زال الأمر بالناس، حتى صار النهي عن ذلك، والكلام في ذمه، وذم من فعله من المستنكر عند الأكثر، وصاروا لا يرون بذلك بأساً، وينسبون من ينهى عنه وينكره على من فعله، إلى الغلو في الدين، والتشديد على المسلمين.
وفي القرآن الكري، والسنة النبوية، ما يدل من في قلبه حياة، على المنع من ذلك؛ وكلام العلماء مرشد إلى ذلك، فإنهم صرحوا بالنهي عن إقامة المسلم بين أظهر المشركين، من غير إظهار دينه، قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} الآية [سورة هود آية: 113] ، وقال: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى قوله: {وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سورة المائدة آية: 80-81] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [سورة النساء آية: 97-99] . قال ابن كثير في الكلام على هذه الآية: وهذه الآية عامة في كل من أقام بين أظهر المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين؛ فهو مرتكب حراماً بالإجماع، ونص هذه الآية. والآيات في هذا المعنى كثيرة، يعرفها من قرأ القرآن وتدبره.
وفي الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما دل عليه القرآن، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " من جامع المشرك وسكن