يبدؤهم بالسلام، كما يعرف ذلك من له خبرة بسيرته وهديه، كما مر في الأحاديث الصحيحة الصريحة، التي لا تحتمل التأويل.

وأما الوفود والرسل، فكانوا يفدون عليه صلى الله عليه وسلم ويعطيهم الجوائز، ويخاطبهم باللين، ويدعوهم بدعاية الإسلام، وهم على كفرهم؛ فلا يستدل بذلك على جواز السلام على المشركين والمبتدعين، ومن يتولاهم من فساق المسلمين، إلا من هو من أجهل الخلق بأصول الشريعة. وأما شيخه الذي يدعي أنه على طريقته، فالمعروف عندنا من أخلاقه وسيرته: الغيرة، والغلظة، والشدة على أعداء الله، وأعداء رسوله، والتحذير منهم، ومن موالاتهم. وأما أنت، أيها المنازع، فالواجب عليك: تقوى الله تعالى، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، والاقتداء بالسلف الصالح، والاهتداء بهديهم، وعدم الانبساط مع من هب ودب، لأن الواجب على المنتسب للطلب، والمتزيي بزي أهل العلم، أعظم مما يجب على غيره؛ فليكن لك بصيرة ونهمة بمعرفة أصل الأصول، وزبدة دعوة الرسول، والبحث عما يضاد هذا الأصل وينقضه، أو ينقص كماله الواجب، والوقوف عند أوامر الرب ونواهيه، والبعد عن الرذائل والقبائح، فالحق مرحمة، والجدال والخصام ملحمة. فهذا آخر ما تيسر إيراده، وفيه الكفاية لمن أراد الله هدايته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015