الأمة، علم يقيناً أن أكثر الخلق إلا من شاء الله، قد أعرضوا عن واضح المحجة، وسلكوا طريق الباطل ونهجه، وجعلوا مصاحبة عباد القبور، وأهل البدع والفجور، ديناً يدينون به، وخلقاً حسناً يتخلقون به، ويقولون: فلان له عقل معيشي، يعيش به مع الناس، ومن كانت له غيرة، ولو قلّت، فهو عندهم مرفوض ومنبوذ، كالأحلاس؛ فما أعظمها من بلية! وما أصعبها من رزية!
وأما حقيقة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الهدى والنور، فعزيز والله من يعرفها أو يدريها؛ والعارف لها من الناس اليوم، كالشعرة البيضاء في الجلد الأسود، وكالكبريت الأحمر. أين العنقاء لتطلب؟ وأين السمندل ليجلب؟ لم يبق إلا رسوم قد درست، وأعلام قد عفت، وسفت عليها عواصف الهوى، وطمستها محبة الدنيا، والحظوظ النفسانية. فمن فتح الله عين بصيرته، ورزقه معرفة للحق وتميزاً له، فلينج بنفسه، وليشح بدينه، ويتباعد عمن نكب عن الصراط المستقيم، وآثر عليه موالاة أهل الجحيم، نسأل الله السلامة والعافية.
وأما مجرد السلام على الرافضة، ومصاحبتهم ومعاشرتهم، مع اعتقاد كفرهم وضلالهم، فخطر عظيم، وذنب وخيم، يخاف على مرتكبه من موت قلبه وانتكاسه; وفي الأثر: إن من الذنوب ذنوباً عقوبتها موت القلوب،