الهجر المشروع، ومن يجب هجره أو يجوز هجره، قال في أثناء كلامه: ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف أقواماً، ويهجر آخرين، وقد يكون المؤلفة قلوبهم أشر حالاً من المهجورين، كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيراً من المؤلفة قلوبهم، لكن أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم، وكانت المصلحة الدينية في تأليفهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، وفي هجرهم عز للدين، وتطهير لهم من ذنوبهم. انتهى كلامه، رحمه الله.

فانظر، أيها المنصف، بعين الإنصاف، واحذر التعصب والاعتساف، إلى ما قاله شيخ الإسلام من أن في هجرهم عزاً للدين، هذا إذا كانوا مسلمين، لكنهم أصحاب معاص واقتراف لبعض الأوزار، فيجب هجرهم واعتزالهم حتى يقلعوا; وأما المشرك والمبتدع، فلا نزاع في هجرهما، ولا خلاف فيه إلا عند من قل حظه ونصيبه من العلم الموروث عن صفوة الرسل، صلوات الله وسلامه عليه.

وقال أيضاً، رحمه الله: ومن كان مبتدعاً ظاهر البدعة، وجب الإنكار عليه؛ ومن الإنكار المشروع: أن يهجر حتى يتوب; ومن الهجر: امتناع أهل الدين من الصلاة عليه، لينزجر من يتشبه بطريقته ويدعو إليها. وقد أمر بمثل هذا مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وغيرهما من الأئمة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015