وهو: أن الذي يدعي الإسلام، ويكون مع المشركين في الاجتماع والنصرة والمنزل، بحيث يعده المشركون منهم، فهو كافر إن ادعى الإسلام، إلا إن كان يظهر دينه، ولا يتولى المشركين.

ولهذا لما ادعى بعض الناس الذين أقاموا بمكة بعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادعوا الإسلام، إلا أنهم أقاموا في مكة، يعدهم المشركون منهم، وخرجوا معهم يوم بدر كارهين للخروج، فقُتلوا. فقال الصحابة: قتلنا إخواننا، فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية [سورة النساء آية: 97] ، فلم يعذر الله منهم إلا المستضعفين. انتهى 1. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنا بريء من مسلم بين ظهراني المشركين، ما لم تتراءى ناراهما " 2، رواه أبو داود؛ ولو لم يكن إلا هذا الحديث في الاستدلال، لكان كافياً بالمقصود وافياً.

وما أحسن ما قال ابن القيم، رحمه الله، في الكافية الشافية:

من لم يكن يكفيه ذان فلا كفا ... هُ الله شرَّ حوادث الأزمانِ

من لم يكن يشفيه ذان فلا شفا ... هُ الله في قلب ولا أبدانِ

من لم يكن يغنيه ذان رماه رَبْـ ... ـبُ العرش بالإعدام والحرمانِ

من لم يكن يهديه ذان فلا هدا ... هُ الله سبيلَ الحق والإيمانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015