كحكمها، فلا تجب الهجرة من بلدة قد فتحها المسلمون.

أما قبل فتح البلد، فمن بها أحد ثلاثة أقسام:

الأول: قادر على الهجرة منها، ولم يمكنه إظهار دينه، ولا أداء واجباته، فالهجرة منها واجبة.

الثاني: قادر على الهجرة، يمكنه إظهار دينه، وأداء واجباته، فالهجرة منها مستحبة، لتكثير سواد المسلمين، ومعونتهم، وجهاد الكفار والأمن من غدرهم، والراحة من رؤية المنكر بينهم.

الثالث: عاجز بعذر من أسْر، أو مرض، أو غير ذلك من الأعذار، فهذا ممن عذر الله، فتجوز له الإقامة; فإن حمل على نفسه، وتكلف الخروج منها أجر. انتهى كلامه. فانظر إلى قوله: لكنه يمكنه إظهار دينه، فإنه إذا حصل منه ذلك، لم تكن الهجرة واجبة في حقه، بل مستحبة، لأجل ما ذكره، رحمه الله؛ ولكن هذا القسم الثاني عزيز الوجود، فالله المستعان.

وقال الشيخ حسين بن غنام الأحسائي، رحمه الله، في العقد الثمين: وقد زعم قوم أن الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام والإيمان، ليست واجبة، ولا متعينة في هذه الأزمان، وأن محكم عقدها مفسوخ، ووجوبها المستمر منسوخ، متمسكين من الدليل بما لا يروي الغليل، ولا يشفي القلب العليل، وذلك ظاهر قول خير البرية: " لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية " 1، وظاهر حديث: " المهاجر من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015