فإذا كان هذا مع أهل المعاصي، فكيف بالمشركين والكافرين والمنافقين؟ قال الله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [سورة هود آية: 113] . قال أبو العالية: "لا تميلوا إليهم كل الميل، في المحبة ولين الكلام؛ فتوعد سبحانه بمسيس النار، من ركن إلى أعدائه ولو بلين الكلام".

وإن الله تعالى فرض على عباده جهادهم، والغلظة عليهم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} الآية [سورة التوبة آية: 73] ، وقال تعالى لما ذكر حال المنافقين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} [سورة النساء آية: 63] ، قال بعض المفسرين: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن المنافقين، وإغلاظ القول عليهم، وأن لا يلقاهم بوجه طلق، بل يكون وجهه مكفهراً عابساً، متغيراً من الغيظ.

فإذا كان هذا مع المنافقين الذين بين أظهر المسلمين، يصلّون معهم ويجاهدون معهم، ويحجون، فكيف بمن يسافر إلى المشركين، وأقام بين أظهرهم أياماً وليالي، واستأذن عليهم في بيوتهم، وبدأهم بالسلام، وأكثر لهم التحية، وألان لهم الكلام، وليس له عذر إلا طلب العاجلة، ولم يجعل الله الدنيا عذراً لمن اعتذر بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015