وكل مشرك مقر بأن الله خالقه، وخالق السماوات والأرض، وربهن ورب ما فيهما، ورازقهم، ولهذا تحتج الرسل بقولهم: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ} [سورة النحل آية: 17] ، وبقولهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [سورة الحج آية: 73] ؛ والمشركون مقرّون بذلك، لا ينكرونه.

الأصل الخامس: أن العبادة أقصى باب الخضوع والتذلل، ولم تستعمل إلا في الخضوع لله، لأنه مولي أعظم النعم، حقيق بأقصى غاية الخضوع، كما في الكشاف. ثم إن رأس العبادة وأساسها: التوحيد لله، الذي تفيده كلمته التي إليها دعت جميع الرسل، وهي: لا إله إلا الله. والمراد اعتقاد معناها، لا مجرد قولها باللسان؛ ومعناها: إفراد الله بالعبادة والإلهية، والنفي والبراءة من كل معبود دونه. وقد علم الكفار هذا المعنى، لأنهم أهل اللسان العربي، فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [سورة ص آية: 5] . انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: تواترت الأحاديث، بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالإخلاص واليقين، والموت عليها، وكلها مقيدة بالقيود الثقال؛ وأكثر من يقولها، لا يعرف الإخلاص، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015