من الآيات. فأي بيان أوضح من هذا، في تعريف الشرك الذي حرمه الله، وأخبر أنه لا يغفره؟ وهذا لا يختص بالدعاء، بل كل نوع من أنواع العبادة، صرفه لغير الله شرك عظيم.
والتحقيق: أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة، ودعاء عبادة، وكلا النوعين لا يجوز صرفه إلا لله؛ وصرفه لغير الله شرك، كما سبق بيانه في الآيات المحكمات، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [سورة الأنعام آية: 162-163] ، والصلاة هنا تشمل الصلاة الشرعية، واللغوية التي هي الدعاء، كما هو مذكور في كتب التفسير، وفي حديث ابن عباس: " وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله " 1، وفيه معنى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة آية: 5] ، وقال تعالى: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} [سورة العنكبوت آية: 17] ، وهذا من عطف العام على الخاص، وقال: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة النحل آية: 51] ، {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [سورة العنكبوت آية: 56] ، {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [سورة البقرة آية: 41] ، كما قال تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سورة الشرح آية: 8] ، وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر آية: 2] ، وتقديم المعمول في هذه الآيات، يفيد الحصر، أي: لا غيري. وقال: {فَلا تَخْشَوُا