قلت: ومن هذا النوع: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة آية: 73] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} الآية [سورة الأحزاب آية: 1] . ومن الأول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} الآيات [سورة المائدة آية: 51] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} الآية [سورة المائدة آية: 57] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآيات [سورة الممتحنة آية: 1] ، وهذه وإن كان سبب نزولها في حاطب بن أبي بلتعة، حين كتب إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه خاطب المؤمنين بهذا الحكم عموماً، وقال: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ} [سورة الممتحنة آية: 1] معشر المخاطبين، كائناً من كان، {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [سورة البقرة آية: 108] . وهذا شامل لكل فرد من أفراد الأمة، من المستقدمين والمستأخرين، لا يرتاب في هذا مسلم قط. وفي ذكر سبب النزول بيان جنس التولي الذي نهى الله عنه؛ وهذا ظاهر جداً لمن استنار قلبه بنور العلم والإيمان.
وأما من طفى نوره بظلمات الفتنتين، فتنة الشبهات والشهوات، فلا يدرك الحقائق على ما هي عليه، لفساد تصوره، كما قال تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ