وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما حثهم على الصدقة ورغبهم فيها، جاء رجل من الأنصار بدراهم كادت كفه أن تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس خلفه في الصدقة، كل أحد بحسبه، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: " من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء " 1. فالمراد بالحسنة: إذا كان باب من الخير متروكاً، فعمل به إنسان وفتحه، واقتدى به غيره، كان كمن سن سنة حسنة، كحال الأنصاري الذي بادر بصرة الدراهم، فتتابع الناس بعده بالصدقات، وكمن كان في بلد وعنده ناس لا يصومون يوم عاشوراء، ونحو ذلك، فصامه وتتابعوا على ذلك.
والمستدل بالحديث لمن ابتدأ قولاً أو عملاً استحسنه، وقال: هذه بدعة حسنة، ولفظ الحديث: "من سن في الإسلام " 2، لم يقل: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كل بدعة ضلالة " 3 كلمة جامعة، وقوله: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " 4.
وهذا أحد الأحاديث التي يدور عليها الإسلام، كما قال الإمام أحمد: الإسلام يدور على ثلاثة أحاديث: حديث عمر رضي الله عنه: " إنما الأعمال بالنيات " 5، وحديث عائشة، رضي الله عنها: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " 6،