بنية من الليل أم لا؟ انتهى. هذا ما يتعلق بقوله تعالى: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [سورة البقرة آية: 184] .
ثم قال تبارك وتعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة آية: 184] ؛ فأباح سبحانه للمريض والمسافر، الفطر في رمضان، لوجود المشقة فيه غالباً، رحمة منه وتفضلاً على عباده المؤمنين، وأوجب عليهما قضاء ذلك إذا زال المرض والسفر اللذان علق بهما جواز الفطر عند الجمهور، أو وجوبه عند بعض السلف والخلف، وأخبر أنه عدة من أيام أخر؛ فدل على عدم وجوب التتابع. ثم قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [سورة البقرة آية: 184] ، فأباح سبحانه وتعالى للذين يطيقون الفطر، وإن كانوا صحيحين مقيمين، وأوجب عليهم فدية طعام مسكين لكل يوم؛ وهذا على القراءة المشهورة، وهي الموجودة في المصاحف اليوم، وهذا قول معاذ بن جبل، وغير واحد من السلف والخلف. وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع: أنها نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [سورة البقرة آية: 184] ، كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت التي بعدها فنسختها. وروى أيضاً من حديث نافع عن ابن عمر قال: هي منسوخة. وروى البخاري عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فقال ابن عباس: " ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً ".