وقد ذكر المفسرون: أن هذه الآية الكريمة، أول ما نزل في فرض الصيام، ففرض الله فيه على المؤمنين الصيام، كما فرضه على من قبلهم، وبين أن ذلك أياماً معدودات، تسهيلاً على المؤمنين، بأن هذه الأيام يحصرها العد، ليست بالكثير التي تفوت العد؛ ولهذا وقع الاستعمال بالمعدود، كناية عن القلائل، كقوله في أيام معدودة: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} [سورة البقرة آية: 80] ، {شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [سورة يوسف آية: 20] ؛ هذا إن كان ما فرض صومه هنا رمضان، فيكون قوله هنا: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [سورة البقرة آية: 184] عنى به رمضان؛ قال أبو حيان: وهو قول ابن أبي ليلى، وجمهور المفسرين.
وإن كان ما فرض صومه، هو: ثلاثة أيام من كل شهر، وقيل: هذه الثلاثة، ويوم عاشوراء، كما كان ذلك فرضاً على الذين من قبلنا، فيكون قوله: عنى بها هذه الأيام؛ قال: وإلى هذا ذهب ابن عباس وعطاء، قال ابن عباس وعطاء وقتادة، هي: أيام البيض. قال أبو حيان: قال أبو عبد الله، محمد بن أبي الفضل المريسي: في رأيي: الظلمات، احتج من قال: إنها غير رمضان بقوله صلى الله عليه وسلم: " صوم رمضان نسخ كل صوم " فدل على أن صوماً آخر كان قبله، ولأنه تعالى ذكر المريض والمسافر في هذه الآية، ثم ذكر حكمهما في الآية الآتية بعد، فلو كان هذا الصوم هو صوم رمضان، لكان هذا تكريراً، ولأن قوله تعالى: {فِدْيَةٌ} يدل على التخيير، وصوم رمضان واجب على التعيين، وكان غيره.