القدرية، الذين يقولون: إن الله قد أراد إيمان كل من على وجه الأرض فلم يقع مراده. وأما على قول أهل السنة والتحقيق فهو ما تقدم، وهو أن يقال: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة شرعية دينية، تتضمن محبته ورضاه، وإرادة كونية قدرية، تتضمن خلقه وتقديره. فالأولى كقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [سورة النساء آية: 26] . والثانية كقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} الآية [سورة الأنعام آية: 125] . وقوله: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [سورة هود آية: 34] . ومثل ذلك كثير في القرآن.

فالله تعالى قد أخبر أنه يريد أن يتوب على المؤمنين ويطهرهم، وفيه من تاب، وفيه من لم يتب، وفيه من تطهر، وفيه من لم يتطهر، فإذا كانت الآية ليس فيها دلالة على وقوع ما أراده من التطهير، وإذهاب الرجس، لم يلزم بمجرد الآية ثبوت ما ادعاه هؤلاء.

ومما يبين أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مذكورات في الآية، قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [سورة الأحزاب آية: 30-31] إلى قوله: {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015