والثاني: أن يوجد دليل آخر من أدلة الشرع يصححه؛ فافهم هذين الشرطين، تسلم بها من شبهات كثيرة في هذا الباب وغيره، والله أعلم.

وأما قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرة: " زادك الله حرصاً ولا تعد " 1، فهو حديث فيه احتمال ونهي، وحديث عبادة وأبي هريرة منطوق، والمنطوق مقدم على المفهوم.

فنقول: أما الاحتمال فقد تقدم الجواب عنه، فصار في حكم المنطوق المقيد للعموم، وأما النهي: فليس عائداً إلى الدخول مع الإمام في الركوع، فإن هذه المسألة تحتاج إلى دليل آخر، وإنما هو عائد إلى الإسراع في المجيء إلى الصلاة، كما هو المشهور عند شراح الحديث، لأن فيه مخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال: " ائتوها وعليكم السكينة " 2 الحديث.

ولهذا ورد في بعض الروايات: أن أبا بكرة ركع دون الصف ثم مشى إليه، وفي بعضها أنه صلى الله عليه وسلم سمع صوت نَفَسِه، فلذلك نهاه صلى الله عليه وسلم عن هذا الإسراع الذي يذهب الخشوع؛ وهذا كله مما يقوي الاحتجاج بالحديث على هذه المسألة، فإن أبا بكرة وغيره من الصحابة، لو لم يكن متقرراً عندهم أن مدرك الركوع مع الإمام، مدرك للركعة، لم يوجد هذا الإسراع منهم، إذ لو قد علموا أن الركعة قد فاتتهم، بفوات قراءة الفاتحة، لم يسرعوا هذا الإسرا، الذي نهاهم صلى الله عليه وسلم عنه؛ وهذا أمر معلوم بالحس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015