أو من سمعه منهم، ونحو ذلك مما يقدح في هذا المعارض.

وإذا قيل لهذا المستهدي المسترشد: أنت أعلم، أم الإمام الفلاني؟ كانت هذه معارضة فاسدة، لأن الإمام الفلاني قد عارضه في هذه المسألة من هو نظيره من الأئمة؛ فكما أن الصحابة بعضهم لبعض أكفاء في موارد النّزاع، إذا تنازعوا في شيء رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، وإن كان بعضهم قد يكون أعلم في مواضع أخر، فكذلك موارد النّزاع بين الأئمة.

وقد ترك الناس قول عمر وابن مسعود، في مسألة تيمم الجنب، وأخذوا بقول مَن هو دونهما كأبي موسى الأشعري وغيره، لما احتج بالكتاب والسنة، وتركوا قول عمر في دية الأصابع، وأخذوا بقول معاوية، لما كان معه من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذه وهذه سواء " 1.

وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في التمتع، فقال له: "إن أبا بكر وعمر يقولان، فقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر! "; وكذلك ابن عمر لما سألوه عنها فأمر بها، فعارضوه بقول عمر، فبين أن عمر يرد ما يقولونه، فألحوا عليه، فقال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع، أم أمر عمر؟ " مع علم الناس أن أبا بكر وعمر أعلم ممن هو فوق ابن عمر، وابن عباس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015