على غيره; والسحاب يبسط أسفل منه، وينْزل منه المطر، والشمس فوقه ... إلى أن قال: وكذلك المطر، معروف عند السلف والخلف، أن الله تبارك وتعالى يخلقه من الهواء، ومن البخار المتصاعد، لكن خلقه للمطر من هذا، كخلق الإنسان من نطفة، وخلقه للشجر والزرع من الحب والنوى، فهذا معرفته بالمادة التي خلق منها.
ونفس المادة لا توجب ما خلق منها، باتفاق العقلاء; بل لا بد من ما به يخلق تلك الصورة على ذلك الوجه; وهذا هو الدليل على القادر المختار الحكيم ... إلى أن قال: على قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} [سورة السجدة آية: 27] فهذه الآية يستدل بها على علم الخالق، وقدرته، ومشيئته، وحكمته، وإثبات المادة التي خلق منها المطر، والشجر، والإنسان، والحيوان، مما يدل على حكمته، ونحن لا نعرف شيئا قط خلق إلا من مادة، ولا أخبر الله في كتابه بمخلوق، إلا من مادة. انتهى كلامه.
قال في الصواعق: الوجه الثامن: أن الله سبحانه ذكر الإنزال على ثلاث درجات: إنزال مطلق، كقوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} فأطلق الإنزال، ولم يذكر مبدأه، وقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [سورة الزمر آية: 6] الثانية: الإنزال من السماء، كقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} [سورة الفرقان آية: 48] الثالثة: إنزال منه سبحانه، كقوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [سورة الزمر آية: 1] .