فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة. انتهى.
وقد ذكرت لي أني إذا ظفرت بشيء يبين حقيقة ما ذكره الشيخ، ويوضحه، أني أذكر لك ذلك، فاعلم: أني تأملت كلامه، ووضح لي مقصوده ومرامه، ورأيت ما يوضح ذلك في كتابه الصواعق المرسلة في بحث الإحاطة، وأحببت أن أكتب إليك بذلك.
قوله: " الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء " يدلان العبد على معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد، فإذا كان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام وضرورة العقل أنه الأول بذاته قبل كل شيء، وأنه الآخر بذاته بعد كل شيء، والظاهر بذاته فوق كل شيء، فكذلك هو الباطن بذاته دون كل شيء، ولا نفرق بين أسمائه بآرائنا القاصرة وأفهامنا الباردة، لأنه لم يقل في الحديث: والباطن الذي هو تحت كل شيء، لأن ذلك ينافي قوله: "والظاهر الذي ليس فوقه شيء "1، بل قال: " والباطن الذي ليس دونه شيء "2 لأنه لا تواري منه سماء سماء، ولا أرض أرضا، ولا