الرب عز وجل، أعرضوا عن الكتاب والسنة وأقوال السلف، وفطر الخلائق; وإنما يلزم ما ذكروه في حق الأجسام، والله تعالى لا مثل له، ولازم صرائح النصوص حق، ولكنا لا نطلق عبارة إلا بأثر.
ثم نقول: لا نسلم أن كون الباري على عرشه فوق السماوات يلزم منه أنه في حيز وجهة، إذ ما دون العرش يقال فيه حيز وجهات، وما فوقه فليس هو كذلك، والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول، ونقله عنهم الأئمة، وقالوا ذلك رادين على الجهمية القائلين بأنه في كل مكان، محتجين بقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [سورة الحديد آية: 4] ؛ فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم.
فأما القول الثالث المتولد بآخره بأنه تعالى ليس في الأمكنة، ولا خارجا عنها، ولا فوق عرشه، ولا هو متصل بالخلق، ولا بمنفصل عنهم، ولا ذاته المقدسة متميزة، ولا بائنةعن مخلوقاته، ولا في الجهات، ولا خارجا عن الجهات، ولا، ولا، فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم، مع ما فيه من مخالفات الآيات والأخبار؛ ففر بدينك، وإياك وآراء المتكلمين؛ وآمن بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وفوض أمرك إلى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى كلام الذهبي.