ويرجعون في معرفة الأحكام إليهم، وأقام الله من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم.
وقد اختص الله منهم نفرا أعلى قدرهم ومناصبهم، وأبقى ذكرهم ومذاهبهم، فعلى أقوالهم مدار الأحكام، وبمذاهبهم يفتي فقهاء الإسلام.
وكان أبو عبد الله: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه أوفاهم فضيلة، وأقربهم إلى الله وسيلة، وأوسعهم معرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمهم به، وأتبعهم له، وأكثرهم تتبعا لمذاهب الصحابة والتابعين، وأزهدهم في الدنيا، وأطوعهم لربه، ومذهبه مؤيد بالأدلة.
قال أبو الفرج: نظرنا في أدلة الشرع، وأصول الفقه، وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين، فرأينا أحمد - رحمه الله - أوفرهم حظا من تلك العلوم، كان إذا سئل عن مسألة كأن علم الدنيا بين يديه.
وقال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف. وصدق فإنه رحمه الله كان شديد العناية بالقرآن وفهمه وعلومه، وعلمه بالسنة اشتهر وذاع، ووقع عليه الوفاق والإجماع، وهو حامل لواء السنة والحديث، وأعلم الناس في زمانه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين.
واختص عن أقرانه بسعة الحفظ، وكثرته، حتى قيل