بلغنا أن عليا - رضي الله تعالى عنه - سمع رجلا يقول: (لا حكم إلا لله) في ناحية المسجد، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل! لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بقتال.

وقال أهل الحديث من الحنابلة: يجوز قتلهم.

أقول: الظاهر عندي - دراية ورواية - قول أهل الحديث:

أما رواية؛ فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فأين (?) لقيتموهم فاقتلوهم ".

وأما قول علي؛ فمعناه: أن الإنكار على الإمام والطعن فيه لا يوجب قتلا؛ حتى ينزع يده من الطاعة، فيكون باغيا أو قاطع طريق، وإذا أنكر ضروريا من ضروريات الدين؛ يقتل لذلك لا للإنكار على الإمام.

بيان ذلك: أن المفتي إذا سئل عن بعض أفعال زيد؟ حكم بالجواز، وإذا سئل عن بعضها الآخر؟ حكم بالفسق، ثم إذا سئل عن بعضها الآخر؟ حكم بالكفر؛ فههنا لم يظهر هذا الرجل عنده إلا الإنكار في مسألة التحكيم، فحكم حسبما أظهر، ولو أنه أظهر إنكار الشفاعة يوم القيامة، أو إنكار الحوض [أو] الكوثر، وما يجري مجرى ذلك من الثابت في الدين بالضرورة؛ لحكم بالكفر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015