يقمها، فقال للآخر: " احلف "، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عنده شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد فعلت، ولكن غفر لك بإخلاص (لا إله إلا الله) ".
وفي رواية الحاكم: " بل هو عندك؛ ادفع إليه حقه " (?) .
وأما أقوال الصحابة؛ فلا تقوم بها الحجة؛ إلا إذا أجمعوا على ذلك - عند من يقول بحجية الإجماع -.
أقول: حكم القاضي بعلمه؛ هذا هو الحق، ومن منع من ذلك لم يأت بحجة واضحة، وليس في الأدلة المقتضية لوجوب الشاهدين - أو اليمين، أو ما يقوم مقام أحدهما - دليل يدل على انحصار مستند الحكم فيها، ولا ريب أن الحاصل عن مثل الشهادة من عدلين، أو يمين من ثقة، أو نكول، أو إقرار: هو مجرد الظن للحاكم فقط؛ لأن من الجائز أن يكذب الشاهدان، ويفجر الحالف في يمينه، ويكذب المقر في إقراره.
وأما العلم؛ فلا يكون إلا عن مشاهدة، أو ما يقوم مقامها، وهو أولى من الظن بلا نزاع.
وقد تقرر في الأصول: أن فحوى الخطاب معمول به عند جميع المحققين، وهذا منه؛ فإن العلم أولى من الظن عقلا وشرعا ووجدانا، والأدلة.