وكذلك إيجاب الكفارة على من نذر نذرا لم يسمه يدل على وجوب الكفارة بالأولى في المباح.
فالحاصل: أن النذر بالمباح لا يخرج عن أحد القسمين: إما وجوب الوفاء به؛ أو وجوب الكفارة مع عدم الوفاء.
ولا ينافي ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الإذن لمن نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة؛ بأن تختمر وتركب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها مع ذلك بصيام ثلاثة أيام.
وفي رواية: أنه أمرها بأن تهدي بدنة.
ومثل ذلك حديث الشيخ الذي نذر أن يمشي، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه "؛ فإنه لا يعارض ما قدمنا - لوجهين -:
الأول: أن عدم التصريح بوجوب الكفارة عليه لا ينافي الأحاديث المصرحة بوجوبها.
والثاني: أنه رآه يضعف عن ذلك؛ كما في الرواية: أنه رآه يهادى بين ابنيه، ولهذا قال: " إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ".