هذه الصورة التي لخصتها مما لم أقف عليه لأحد من أهل العلم وهذه المسألة1 هي من المضايق التي يتعثر في ساحاتها كل محقق ويتبلد عند تشعب طرائقها كل مدقق وقد حررتها في سائر مؤلفاتي تحريرات مختلفة لهذه العلة وأطلت الكلام عليها في طيب النشر.
وقد استدل بعض أهل العلم لهذا المذهب بمثل حديث: "استفت قلبك ولو أفتاك المفتون" ومثل حديث: "دع ما يريبك إلا ما لا يريبك" ولا يستفاد منها إلا أن التورع عند الظن من الإقدام أولى وأهل هذا المذهب يوجبون العمل بذلك الظن حتما وجزما وقد عرفت أن أدلة المذهب الأول على الوجه الذي لخصناه تدل على المذهب الثاني فإبعاد النجعة إلى مثل حديث: "استفت قلبك ودع ما يريبك" ليس كما ينبغي فإن قيل أنه قصد الإستدلال على مجرد العمل بالظن من غير نظر إلى هذه المسالة فيقال: أدلة العمل بالظن في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأكثر منها أدلة النهي عن العمل به وهكذا التعويل على حديث الولوغ والإستيقاظ نحو ذلك لا يفيد وقد حكى تحديد الماء الكثير أقوال منها أن الكثير من المستبحر وقيل ما إذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر وقيل ما كان مساحة مكانه كذا وقيل غير ذلك وهذه الأقوال ليس عليها أثارة من علم بل هي خارجة عن باب الرواية المقبولة والدراية المعقولة.