أنه نجس كما قلت في نجاسة الروث ولحم الخنزير فكيف لم تحكم بنجاسة الخمر لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ} [المائدة:90] .

قلت: لما وقع الخمر ههنا مقترنا بالأنصاب والأزلام كان ذلك قرينه صارفه لمعنى1 الرجسية إلى غير النجاسة وهكذا قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:28] لما جاءت الأدلة الصحيحة المقتضية لعدم نجاسة ذوات المشركين كما ورد في أكل ذبائحهم وأطعمتهم والتوضؤ في آنياتهم والأكل فيها وإنزالهم المسجد كان دليلا على أن المراد بالنجاسة المذكورة في الآية غير الشرعية بل قد ورد البيان من الشارع لذلك بما لا يحتاج إلى زيادة فقال: في وفد ثقيف لما أنزلهم المسجد "ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء إنما أنجاسهم على أنفسهم" فهذا يدل على أن تلك النجاسة حكمية لا حسية والتعبد إنما هو بالنجاسات الحسية وأما ما ورد فيه ما يدل على نجاسته ولكنه قد عورض بما هو أرجح منه فلا شك أنه يتعين العمل بالأرجح فإن عورض بما يساويه فالأصل عدم التعبد بما يتضمن ذلك الحكم حتى يرد موردا خالصا عن شوب المعارضة أو راجحا على ما عارضه.

وبالجملة فالواجب على المنصف أن يقوم مقام المنع ولا يتزحزح عن هذا المقام إلا بحجة شرعية وقد أوضحت في مصنفاتي كشرح المنتقى وحاشية الشفاء هذه المباحث المتعلقة بالنجاسة بما لا يحتاج الناظر في ذلك إلى النظر في غيره فليراجع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015